قصة الغاز الصخري في الجزائر احتياطات هائلة·· والجدل مستمر

  • PDF

قصة الغاز الصخري في الجزائر
احتياطات هائلة·· والجدل مستمر

* الجزائر الرابعة عالميا في احتياطات الغاز الصخري


مازال الجدل قائما بخصوص استغلال الغاز الصخري في الجزائر التي تتوفر على 4.940 تريليون قدم مكعب من احتياطاته، 740 تريليون قدم مكعب منها قابلة للاستخراج بنسبة 15 بالمائة حسب تقديرات أنجزتها الشركة الوطنية للمحروقات سونطراك مع شركات نفطية دولية على خمس أحواض صحراوية حسب ما ذكره مصدر مقرب من المجمع البترولي الوطني· وقد تم حساب الاحتياطات القابلة للاستخراج في أحواض احنات وتيميمون ومويدير وإيليزي وبركين·
بنسبة 15 بالمائة من قابلية الاستخراج تحتل الجزائر المرتبة الرابعة عالميا فيما يخص الموارد القابلة للاستخراج تقنيا بعد الولايات المتحدة (بنسبة تتراوح بين 20 و50 بالمائة) والصين والأرجنتين حسب توضيحات المصدر الذي استند إلى تقرير صدر سنة 2013 حول الغاز الصخري عن الوكالة الدولية للطاقة· بخصوص الاحتياطات السائلة (بترول غاز مكثف··) في الأحواض الخمسة المذكور فتبلغ 248 مليار برميل·
وأضاف المصدر أنه تم وضع هذه التقديرات الخاصة بالمحروقات غير التقليدية بفضل مخطط عمل لتقييم الغاز الصخري شرع فيه سنة 2009 ويمتد إلى غاية 2018-2020·
وقد تم إنجاز الدراسات حول مخزون الغاز الصخري وتنفيذ عمليات الصدع بمساعدة شركات خدمات أمريكية·
وقد عملت سونطراك سنة 2009 على توثيق قاعدة بياناتها الخاصة بالغاز الصخري من خلال اقتناء بيانات إضافية ساعدتها في تعزيز الحجم القائم في المساحات المستهدفة·
وقد شرعت سونطراك منذ سنة 2011 في عملية تقييم واسعة لمخزون الغاز الصخري في الأحواض الصحراوية لتحديد المناطق المناسبة لإقامة مشاريع نموذجية·
وانطلاقا من سنة 2013 انتقل المجمع إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة حفر الآبار النموذجية للتعرف على قدرات الانتاج ونمط الصدر الذي ينبغي القيام به وإعداد التقييم الاقتصادي للمشروع·
وأضاف نفس المصدر أن سوناطراك أبقت خلال هذه المرحلة على إنجاز ثلاث عمليات حفر أفقية في حوض أحنات بالتعاون مع ثلاث شركات خدمات مع العلم أنها استعانت بخدمات الشركة الأولى لحفر البئر الأول المنجز وكانت ستستعين بشركة أخرى لحفر البئر الثاني·
وكان من المقرر أن تنتهي أشغال المشروع النموذجي نهاية 2015 حسب ما أكده المجمع الذي سجل في هذه المرحلة من مخطط العمل إنجاز بئرين نموذجين بالشراكة ابتداء من 2016 وإلى غاية 2020 على مستوى حوضي بركين وشمال تيميمون·

ثروات أحواض الصحراء الجزائرية
وأشارت نتائج الدراسات التقييمية التي تم خوضها في إطار مخطط العمل، هذا إلى أن الصخور الفراسنية والسيلورية لأحواض الصحراء الجزائرية تصنف كـ(صخور أصلية) تحتوي على نسبة عالية من الفحم العضوي الكامل·
وحسب نفس الدراسات فإن الصخور الفراسنية لهاته الأحواض تحتل المرتبة الأولى عالميا) من حيث ثرائها بالمادة العضوية ونضجها (تحتوي على غاز جاف وغاز رطب) ومساميتها ونفاذيتها اللتين تعدان عاليتين·
وأظهرت النتائج الأولى للدراسة الجيوميكانيكية التي أجريت على هذه الصخور أنه ليس هناك اختلاف كبير بالمقارنة مع تشكيلات صخرية أخرى بالولايات المتحدة·

الغاز الصخري·· صناعة مكلفة
وأشار نفس المصدر إلى أن مرحلة استغلال المحروقات غير التقليدية (تتطلب تقنيات متطورة وقدرات عملية ومالية كبرى هناك القليل من الشركات التي تتوفر عليها)·
ولهذا السبب فإن استغلال الغاز الصخري يقتضي اتخاذ (مبادرة حذرة) تتمثل في الاستعانة بشركات متخصصة في إطار شراكة مستهدفة مع شركات ذات مهارة أكيدة على غرار ما قامت به شركات كبرى كشركة اكسون موبيل مع اكس تي او وكذا ايني مع كويكسيلفر وبي جي مع اكسكو ريزورس وستايتويل مع تشيزابيك·
وبالفعل تظل التكاليف المقدرة لاستغلال الغاز الصخري وتطويره خارج الولايات المتحدة مرتفعة أكثر بسبب نقص التجهيز وشبكات التموين·
وعلى سبيل المثال يكلف حفر بئر عمودي بطول 3.200 متر بتفريغ أفقي يقدر بـ1.200 متر في حقول هاينسفيل بالولايات المتحدة 8 ملايين دولار مقابل 14 إلى 16 مليون دولار لحفر نفس البئر ببولونيا التي تعد بها صناعة الغاز الصخري فتية·
إعداد: ع· سفيان

الخبير الفرنسي في مجال النفط فرنسيس بيران:
تقدير مخاطر الغاز الصخري غالبا ما يكون مبالغا فيه


صرّح الخبير الفرنسي في مجال النفط فرنسيس بيران أن تقدير المخاطر المرتبطة باستغلال الغاز الصخري غالبا ما يكون (مبالغا فيه) في الوقت الذي تتوفر فيه الصناعة النفطية على الوسائل التي تمكنها من التحكم في هذه المخاطر بشرط اتخاذ الاحتياطات اللازمة بهذا الخصوص·
وقال السيد بيران -و هو رئيس شركة الاستراتيجية والسياسات الطاقوية التي تمتلك خمس نشريات طاقوية منها مجلة النفط والغاز العربيين- إن (تقدير المخاطر المتعلقة باستغلال الغاز الصخري غالبا ما يكون مبالغا فيه)، مضيفا أنه (توجد اليوم الإمكانيات التي تسمح بالعمل بشكل صحيح في مجال الغاز الصخري بالنظر إلى التقدم التقني إلى جانب التجربة المعتبرة في هذا المجال خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية)·
وحسب ما ذكره الخبير في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية فإنه (يتوجب النظر إلى الواقع الراهن وليس إلى فترة سنوات 2000 ذلك أن هناك الكثير من الأمور التي تطورت منذ ذلك الوقت)·
وأوضح السيد بيران أن مخاطر تلويث المياه الجوفية ترتبط أساسا بعدم احترام المقاييس الخاصة بسلامة عمليات الحفر·
ويقول في هذا الشان إن (عدم احترام القواعد الخاصة بعمليات حفر الآبار تشكل بحد ذاتها خطرا على البيئة سواء تعلق الأمر بالمحروقات الصخرية أو التقليدية)·
وأشار في هذا الخصوص إلى إحدى أكبر الكوارث المرتبطة بالبقع النفطية في التاريخ والتي حصلت سنة 2010 بخليج المكسيك على مستوى بئر ماكوندو الذي تستغله شركة (بي بي)، مذكرا أن هذه الكارثة حصلت خلال عملية حفر تقليدية ولا تخص المحروقات الصخرية·
في ذات السياق ذكر السيد بيران أن عملية التكسير الهيدروليكية التي تثير حاليا الكثير من المخاوف (تستخدم منذ عدة عشريات من طرف الشركات النفطية دون أن يتسبب ذلك في أي جدل قبل الحديث مؤخرا عن الغاز الصخري)·
ويحدد ذات الخبير أربعة شروط أساسية يجب توفرها من أجل الحد ولأقصى درجة من المخاطر البيئية لاستغلال الغاز الصخري· ويتعلق الأمر بضرورة وجود فاعلين نفطيين أكفاء ومسؤولين وكذا استعمال أحدث التقنيات، إلى جانب ضرورة وجود دولة تؤدي على أكمل وجه دورها في الضبط والإشراف على الصناعة النفطية بالإضافة إلى وجود مجتمع مدني يقظ·
وفيما يخص إمكانية الجزائر في الذهاب قدما في هذه الصناعة أوضح رئيس الاستراتيجية والسياسات الطاقوية أن كل دولة حرة في اتخاذ قراراتها الخاصة بهذه المسألة، مضيفا أن عدة دول شرعت في تطوير مواردها غير التقليدية أو هي بصدد ذلك على غرار المملكة العربية السعودية وبولونيا وأوكرانيا والصين وأستراليا والأرجنتين والمملكة المتحدة·
وعن سؤال حول مردودية الاستغلال المكلف للغاز الصخري في ظل تراجع أسعار الغاز أوضح السيد بيران أن عمليات الحفر الاستكشافية فقط تمكن من تقييم العملية من حيث الكلفة·
وفيما يخص الأسعار زكد على ضرورة التفريق بين وضعيتين: (فعلى المدى القصير يشكل انهيار الأسعار بطبيعة الحال تهديدا لمردودية استغلال المحروقات ذات الكلفة العالية بما فيها الغاز الصخري· لكن لا يتوجب هنا التعميم ذلك أن الوقت الذي يفصل بين اتخاذ قرار الاستغلال وبلوغ مستوى معتبر من الإنتاج يصل إلى عدة سنوات ولن تبقى الأسعار خلال هذه المدة عند مستويات متدنية)·
وعن فرص الجزائر في تسويق إنتاجها من الغاز الصخري في حال استغلاله تنبأ السيد بيران أنه (بإمكان الجزائر مستقبلا مواجهة المنافسة الشرسة في هذا المجال مع ظهور دول جديدة منتجة ومصدرة للغاز)·
وأضاف أنه على الجزائر (اتخاذ القرارات السياسية الصحيحة وإيجاد شراكات ناجعة لسوناطراك إلى جانب تحديد إطار قانوني وتعاقدي محفز وكذا ملاءمة سياستها التجارية مع رهانات الغد وما بعد غد وليس تلك المرتبطة بالماضي)·

الغاز الصخري يثير انشغالات بيئية
الاتحاد الدولي للغاز يدعو إلى تقييم موضوعي


اعتبر الاتحاد الدولي للغاز أنه ينبغي إخضاع الانشغالات البيئية المتعلقة باستغلال الغاز الصخري في العالم إلى تقييم (عقلاني وموضوعي) من شأنه أن يفضي إلى مقاربات عملية وتنظيمية تضمن تطوير هذا المصدر الطاقوي·
وفي إصدار تحت عنوان: (الغاز الصخري: الواقع حول الإنشغالات البيئية) أشار الاتحاد الدولي للغاز أن النقاش حول الانعكاس البيئي اقتصر لحد الآن على تعارض آراء متضاربة بين مؤيدي ومعارضي التصديع عن طريق الماء (دون أن تقوم على تقييم صحيح وعقلاني وموضوعي) حول هذه المخاوف·
وجاء في تقرير الإتحاد الدولي للغاز الذي يعد جمعية دولية تضم 91 بلدا عضوا منها الجزائر من خلال الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز أن عمل التقييم من شأنه المساعدة على وضع مقاربات عملية وتنظيمية التي ستعجل وتضبط بدورها تطوير الغاز الصخري الذي (يلعب دورا أساسيا في عملية المزج الطاقوي العالمي)·
وأضاف الاتحاد أن تطور الغاز الصخري بالولايات المتحدة غير المعطيات الطاقوية العالمية والتي بدأ يبرز انعكاسها على آفاق التموين بالغاز الطبيعي على المديين القصير والمتوسط·
ويقدم التقرير إجابات مفصلة حول الانشغالات البيئية الثمانية التي غالبا ما يطرحها معارضو استغلال الغاز الصخري·
وبخصوص الانشغال المتعلق بالتصديع عن طريق الماء والذي قد يكون له انعاكاسات وخيمة على طبقات الماء أوضح الاتحاد الدولي للغاز أن الحفر الأفقي ليس وحده الذي يعبر عبر طبقات الماء وإنما حتى الحفر العمودي المستعمل في إنتاج البترول والغاز التقليدي يعبر هذه الطبقات بأمان دون أن يتسبب في حوادث·
وأضافت المنظمة في تقريرها أنه (تم حفر ملايين الآبار العمودية منذ إقامة الصناعة البترولية دون تسجيل أي حوادث كبرى تذكر)·
وحسب الاتحاد فإن (حوادث التلوث النادرة للمياه الجوفية كان سببها أعطاب على مستوى الآبار مما يستدعي ضمان وضع جيد للإسمنت حول هذه المنشآت كما تم تسوية هذه الأعطاب والتحكم فيها من قبل الشركات النفطية)·
كما اعتبر الاتحاد أن الانشغالات المتعلقة باستعمال كميات كبيرة من الماء في عملية التصديع عن طريق الماء لا أساس لها من الصحة كون إنتاج الغاز الصخري لا يستهلك تلقائيا كميات أكبر من المياه مقارنة بإنتاج أشكل أخرى من الطاقة·
وعلى سبيل المثال فإن كمية المياه المستعملة في إنتاج الطاقة يقدر بـ5 لترات (3ر1 غالون) لكل مليون وحدة حرارية بريطانية للغاز الصخري مقابل 9.500 لتر (2.500 غالون) لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بالنسبة الوقود البيئي، علما  بأن كميات المياه تتغير وفقا للمتطلبات البيولوجية وشكل التصديع حسب الاتحاد·
وحاليا تحاول الصناعة البترولية تقليص كميات المياه المستعملة من خلال إعادة استعمالها إذا كان ذلك ممكنا ومن خلال تحسين عملية التصديع عن طريق الماء·
كما أن الانشغالات المتنامية حول المضافات الكيماوية المستعملة في التصديع عن طريق الماء غير مبررة حسب التقرير الذي أكد أن العديد من هذه المضافات حاضرة في منتجات مسوقة·
ويتكون السائل المستعمل في التصديع عن طريق الماء عموما من 5ر99 بالمئة من الماء والرمل و5ر0 بالمئة من المواد الكيماوية·
تقتضي عملية التصديع بالماء من3 إلى 12 مضافا كيماويا لكن الأمر يتوقف على خصوصيات الماء وطبيعة الصخور المطلوب تصديعها·
بالنسبة للزلازل التي تسببها تقنية الصدع بالماء توضح المنظمة أن النشاط الزلزالي التي تسببها هذه التقنية أحيانا تقل شدة عن مستويات النشاط الزلزالي الطبيعي·
أما عن المخاوف بشأن أثر استغلال الغاز الصخري على البيئة لاحظت المنظمة أن المياه المستعملة في عملية التصديع التي تستخرج من الآبار بعد انتهاء الحفر ستعالج لتتم إعادة استعمالها بمختلف التقنيات التي تتوفر عليها الصناعة البترولية حاليا·
وسجلت المنظمة أن التنظيم الخاص باستغلال الغاز الصخري يتطور بانتظام لاسيما في شمال أمريكيا خلافا لما يدفع به المناهضون لهذا النشاط·
أصدرت الولايات المتحدة ما لا يقل عن خمس قوانين لضبط هذا النشاط الجديد على غرار القانون الوطني حول البيئة أو القانون الوطني الخاص بالماء الشروب·
وفي بلدان أخرى تعتزم استغلال الغاز الصخري تم وضع تشريعات مماثلة وستطبق فور الشروع في الإنتاج حسبما أكدته المنظمة التي شددت على ضرورة مراقبة هذا النشاط·

قال إنه إضافة لاحتياجات الجزائر·· عطار:
لا ينبغي اعتبار الغاز الصخري ريعا


أكد الخبير في مجال المحروقات عبد المجيد عطار إن الغاز الصخري يجب أن يحتل على المدى البعيد مكانة كمورد تكميلي في المزيج الطاقوي الوطني ولا يجب في أي من الأحوال اعتباره كريع·
وأفاد عطار الذي شغل سابقا منصب رئيس مدير عام لمجمع سوناطراك أن أي تأكيد تقني ذو مردودية للغاز الصخري على مدى الخمس سنوات القادمة لا يمكن أن يفتح الباب لاستغلاله إلا بعد عشر أو خمس عشرة سنة·
من هنا يجب على هذه الصناعة أن تأتي (كإضافة للاحتياجات الداخلية للجزائر وليس كريع)، مشددا على وجوب اعتبار الغاز الصخري (كبديل جزئي ومكمل عادي) للأمن الطاقوي للبلاد لما بعد 2030·
وشدد على أن الجزائر توجد حاليا في مرحلة الاستكشاف فقط أي (مرحلة تقييم ما يمكن استرجاعه من هذه الطاقة وما يمكن استخراجه بدون خطر) في ظل ما تتيحه التقنيات الموجودة حاليا حسبه·
وأوضح السيد عطار أن هذه المرحلة تعتبر (إجبارية) قبل أن يتم التخطيط لأي عملية استغلال التي تبقى من جهتها مرتبطة بترخيص من مجلس الوزراء وفقا للمادة 23 مكرر من قانون المحروقات·
وأضاف أن بلدان مثل الصين والأرجنتين والمملكة المتحدة وإسبانيا وجنوب إفريقيا وحتى المملكة العربية السعودية هي الآن في مرحلة استكشاف إمكاناتهم من الغاز الصخري مشيرا إلى أن هذه العملية متصلة بالأمن الطاقوي لهذه البلدان في الوقت الراهن أو على المدى المتوسط·
واعتبر الخبير أن مشكل الأمن الطاقوي في الجزائر سيصبح (مقلقا) بعد عشر سنوات من الآن وهذا لنمو الاستهلاك الداخلي، مشيرا إلى أن الحكومة أمام (تحد كبير) وهو وضع نموذج استهلاك طاقوي يشمل أولوية الاستثمار في الطاقات المتجددة ورسم برنامج لاقتصاد الطاقة والمحافظة على حد أدنى من الريع لتمويل اقتصاد جديد منتج للثروات·
في هذا الصدد اعتبر المتحدث أن تأجيل التنقيب عن الغاز الصخري كما يطالب به بعض المواطنين وبعض الأحزاب السياسية هو سابق لأوانه مادامت مرحلة الاستكشاف لم تستكمل بعد·
وحسبه فإن تأجيل التنقيب يجب أن يرافقه حوار مفتوح وشفاف بمعطيات ملموسة وهو ما يتطلب تجاوز مرحلة الاستكشاف وفتح الحوار بمعطيات جزائرية حول الموضوع وليس معطيات أو نماذج أجنبية بما أن السياق الجغرافي والاقتصادي والبشري هو مختلف تماما·
وفي رده على سؤال حول أثر استغلال الغاز الصخري على المحيط أوضح السيد عطار أن الأخطار التي سجلت في بداية الاستغلال في الولايات المتحدة الأمريكية وبولونيا راجعة إلى غياب إجراءات وقائية وإلى سياق جيولوجي وهيدروجيولوجي أو توبوغرافي لا يوجد بتاتا في الجزائر·
وفي سياق متصل قال الخبير إنه لا يوجد نشاط بدون خطر وحتى ميدان الزراعة له أخطاره والتي ينتج عنها أضرار كتلك المتعلقة في بعض الأحيان بالاستغلال المفرط للمياه أو تلويثها·
ولهذا يوجد كذلك مشاكل متعلقة بالبيئة في قطاع المحروقات لكن (استطاعت الشركات البترولية أن تجد لها حلولا ملائمة كلما استدعى الأمر ذلك) حسبه· 

خبراء يتصدون لها ويطالبون بالكف عن تخويف الجزائريين
خرافات تحيط بقضية الغاز الصخري


أيمن· ن
بات الحديث عن الغاز الصخري (متاحا) لكثير من غير العارفين به، إلى درجة انتشرت معها بعض (الخرافات) التي ساهم (أشباه الخبراء) في الترويج لها، ومنها القول بأن تأثيرات استغلال الغاز الصخري تشبه تأثيرات التجارب النووية التي أجرتها فرنسا بالجزائر قبل عقود، والتي مازالت نتائجها الوخيمة مستمرة حتى الآن·
وبينما يشير بعض الخبراء، وكثير من غير الخبراء، إلى أخطار محتملة متعددة لاستغلال الغاز الصخري، يؤكد خبراء وعارفون بحقيقة استغلال الغاز الصخري أن كثرة الحديث بهذا الشأن تسببت في انتشار كثير من (الخرافات) التي لا أساس لها من الصحة، داعين إلى الكف عن إرهاب الجزائريين·
في هذا السياق أنجز السيد محمد قدام، وهو إطار سامٍ سابق في مجمع سوناطراك دراسة تحمل عنوان (ما يجب أن يُعرف عن الغاز الصخري)، نشرتها صحيفة الخبر، قال فيها إنه قد (ذهب البعض بعيدا حينما توقعوا إمكانية حدوث زلازل جراء عمليات التكسير الهيدروليكي، فإذا كان الأمر كذلك، فإن حاسي مسعود ستكون اليوم المنطقة الأكثر تسجيلا للهزات الأرضية في البلاد، لأننا نقوم بعمليات التكسير الهيدروليكي بأعداد كبيرة، لكن أيضا عمليات حفر أفقية مند سنوات التسعينات)·
وقال الإطار المذكور: من المعلوم أن الزلازل تحدث نتيجة تحرير مفاجئ لقيود تراكمت على طول الصدوع على مستوى القشرة الأرضية بفعل الضغط الممارس مع تقارب الصفائح التكتونية، ولكن عملية التكسير الهيدروليكي لا تقوم بتحريك الصفائح التكتونية ولا تحدث أية ثغرات، بل تؤدي إلى بروز شروخ مجهرية لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار حول القسم الأفقي من البئر· هذا التوقع هو لحسن الحظ مرة أخرى ضرب من الخيال ليس إلا·
وردا على (أولئك الذين ينادون بإصدار قرار منع يخص الغاز الصخري ويستشهدون على ذلك بمواقع التجارب النووية برفان وواد الناموس وحوض بركان)، قال قدام: (صراحة ليس من الشرف والشهامة والصدق التلاعب بمشاعر الناس واستغلال أو توظيف معاناتهم الماضية والحاضرة في محاولة مقارنة ما لا يقارن، أي تشبيه تقنيات إنتاج النفط والغاز بالاختبارات النووية مع كل المخاطر التي تمثلها هذه الأخيرة، فإذا كانت المقارنة تقام عن جهل، فإنه من الأجدر أن نتحكم في المجال قبل أن نكتب حقائق مغلوطة أو إفساح المجال للخبراء، أما إذا كان الأمر مقصودا لإخافة الناس وبعث الرعب في قلوبهم، فإن ذلك من قبيل خيانة الأمانة الفكرية الواضحة، فأي مفكر يُعنى أولا بنقل المعلومات الموثوقة للقارئ، وأنا مبدئيا لست ضد إصدار إجراء منع للغاز الصخري إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، وكان القرار مبنيا على حقائق علمية مؤكدة وناتجة عن إجماع ودراية وحوار مفتوح بين الخبراء والأخصائيين، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك على أساس مخاطر مفترضة أو معلنة خبط عشواء من قبل أي كان)·
ويرى محمد قدام أن (القضية الأكثر إثارة للقلق والوحيدة أيضا التي تستحق النقاش حولها، ويتعلق الأمر بنضوب أو استنزاف أو تلوث المياه الجوفية في الجزائر)، موضحا أنه (بشأن النضوب وإذا افترضنا عدم وجود إعادة استخدام المياه وأن كل عملية تكسير تتطلب 20 ألف متر مكعب، فإن 12 ألف بئر المبرمجة في حالة استغلال الغاز الصخري ستستهلك في المجموع 250 مليون متر مكعب من المياه أو ما يمثل 0.0006 بالمائة من مجموع 40 ألف مليار متر مكعب من المياه التي تحوزها البلاد، وهي كمية هامشية، وعليه فإن برنامج حفر 200 بئر في السنة على عدة عقود ستضيف 4 مليون متر مكعب إلى 5 ملايير مستخرجة سنويا للقطاع الفلاحي والحاجيات المتصلة بالأسر والأفراد، أي بارتفاع الاستهلاك السنوي بـ0.08 بالمائة، ولكن يجب التنبيه بأن نسبة 80 بالمائة من هذه المياه سيتم إعادة رسكلتها ليتم استخدامها في عملية التكسير اللاحقة، بينما تضيع حوالي 20 بالمائة ويتم معالجتها بفضل تقنيات موجودة أو أخرى قيد التطوير، وبالتالي فإن مشكلة استهلاك المياه لا تطرح البتة)·

الخبير شيتور: استغلال الغاز الصخري ممكن·· بشرط··
اعتبر الخبير شمس الدين شيتور أن استغلال الغاز الصخري في الجزائر مرهون بـ(التحكم الجيد) في تكنولوجية التصديع الهيدروليكي التي (لا تمتلكها سوناطراك حاليا)·
وأكد الخبير في مساهمة نشرها موقع وكالة الأنباء الجزائرية أن (الغاز الصخري سيجد مكانته كاملة في إطار إستراتيجية طاقوية قائمة على ترشيد استعمال الطاقة· لا يمكن أن يكون هناك استغلال طالما لسنا مستعدين علميا وتكنولوجيا)·
وأوضح الأستاذ شيتور الذي هو في نفس الوقت مستشار الوزير الأول عبد المالك سلال أن (الغاز الصخري سيشكل جزءا من باقة طاقوية وستكون مكانته كاملة عندما يحين الوقت وتتوفر التكنولوجيا وكل الكفاءات الضرورية وتتخذ كل الاحتياطات في مجال البيئة)·
وأردف يقول (إنه الواقع حيث تظهر معظم الدراسات التي أنجزت حول الغاز الصخري بأن هذا الأخير يعتبر تكنولوجية خطيرة بالتقنيات الحالية)، مسجلا أنه في الولايات المتحدة التي تعتبر رائدة في هذا المجال نجد أن 49 بالمائة من الأمريكيين يعارضون استخراج الغاز الصخري بتقنية التصديع الهيدروليكي·
وأضاف السيد شيتور أنه (حاليا يمكن استخراج الغاز الصخري دون خطورة على البيئة)، مشيرا إلى أن التصديع الهيدروليكي يعتبر (تكنولوجيا حديثة) وسوناطراك (ليست بمنأى عن مفاجآت غير سارة)·
وحسب توضيحاته فإن هذه التقنية (تهدم) الهندسة الداخلية للطبقات وتستعمل كميات ضخمة من المياه العذبة (10 إلى 15.000 متر مكعب من الماء لكل بئر) إضافة إلى مواد كيميائية مختلفة الخطورة·
وأضاف أنه يتعين على الجزائر أيضا أن تأخذ في الحسبان التكاليف الباهظة لعمليات حفر آبار الغاز الصخري التي تتراوح من 10 إلى 18 مليون دولار لبئر واحد· وحذر في هذا الصدد من أن (التحكم الجيد في التكنولوجيا وحده كفيل بتقليص هذه التكاليف)·
وأفاد السيد شيتور مع ذلك أن عمليات التنقيب هي (ضرورية) من أجل التحكم في تقنية التصديع الهيدروليكي وتقييم (دقيق) للاحتياطات الحقيقية للموارد غير التقليدية التي تزخر بها الجزائر·
وخلص إلى أنه (لا يمكننا الحديث عن أي تعليق (حول الغاز الصخري) بل يتعين متابعة دراسة الغاز الصخري مع وجوب (الاستكمال السريع) لمرحلة الاستكشاف من أجل الانتقال إلى تقييم الاحتياطات الحقيقية لهذا المورد لأنه لحد الآن الدراسات الأمريكية هي التي تعطينا الرقم الحقيقي لاحتياطاتنا·
مواصلة استكشاف الغاز الصخري ضرورية لتقييم الاحتياطات
صرح الخبير الطاقوي شمس الدين شيتور أن دراسات استكشاف الغاز الصخري التي أطلقها مجمع سوناطراك يجب أن تتواصل للسماح بتقييم الاحتياطات الحقيقية لهذه المورد الطاقوي·
وأفاد السيد شيتور أنه من الضروري متابعة دراسة الغاز الصخري مع وجوب (الاستكمال السريع) لمرحلة الاستكشاف من أجل الانتقال إلى تقييم الاحتياطات الحقيقية للموارد، وتأسف من أن التقييم الوحيد الذي تم إجراؤه لحد الآن في هذا السياق هو نتيجة دراسة أمريكية·
ويرى الخبير أن الغاز الصخري هو ثروة يجب استغلالها بصفة عقلانية وأن عمليات التنقيب الاستكشافية هي (ضرورية من أجل التحكم في التقنية)، مشيرا إلى أن عددها القليل (لا يرهن ضروريات العيش في الصحراء)·
لكنه صرح أن هذا النوع من الغاز لن يدرج في الخليط الطاقوي الوطني (إلا بعد أن تبلغ تكنولوجيا إنتاجه مرحلة النضج)·
ويجب على الجزائر حسبه (أن تعطي الأولوية لتكوين الخبرات اللازمة وأخذ الاحتياطات الواجبة فيما يخص المحيط) قبل التخطيط لعملية الاستغلال·  
واستطرد الخبير أنه (عندما نكون محضرين تكنولوجيا وهذا بتكوين مهندسين وتقنيين سامين في ميادين الجيولوجيا والجيوفيزياء والتنقيب والميكانيك والإلكترونيك دون نسيان خبراء البيئة سيلعب الغاز الصخري دوره كاملا)·
ويعتبر السيد شيتور أنه (سيكون للغاز الصخري دورا كاملا في إطار إستراتيجية طاقوية بعيدة المدى قائمة على الاعتدال الطاقوي)·
كما دعا  كذلك إلى وضع (مخطط مارشال) من أجل الطاقات الخضراء، مذكرا أن الطاقات المتجددة تمثل أقل من 1ر0 بالمائة من الحصيلة الكهربائية في الجزائر·
ومن هذا المنطلق قال الخبير إنه حان الوقت لوضع إستراتيجية لعقلنة الطاقة والزيادة التدريجية لأسعارها ما يتطلب إعادة النظر في السياسة الاجتماعية ودعم الدولة للشرائح ذات الدخل الضعيف)·

في ظل استمرار أزمة النفط··
تحديات خطيرة تواجه الاقتصاد الوطني


يواجه الاقتصاد الجزائري في الظرف الراهن المتميز باستمرار تراجع أسعار النفط تحديات إحداث توازن مالي وتنويع مصادر إيرادات الدولة المعتمدة بشكل واسع على صادرات المحروقات حسبما ذكرته وكالة رويترز للأنباء في مقال تحليلي، مشيرة إلى أن توجه السلطات نحو ترشيد النفقات يمكن أن يشجع مستقبلا الاستثمارات المحلية والأجنبية غير النفطية·
وحسب المقال الذي صدر مؤخرا عن الوكالة البريطانية فبما أن الجزائر تملك احتياطات صرف (تقترب من 200 مليار دولار فلا أحد يتوقع أن تواجه في الوقت الحالي عاصفة مماثلة للعاصفة التي تتجمع في أفق فنزويلا عضو منظمة أوبك والتي حذرت مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية من أنها تواجه على نحو متزايد خطر انهيار اقتصادي)·
وتم التذكير بقرار تأجيل عدد من المشاريع في مجال النقل بالسكك الحديدية، في حين أن مشروعا لتوسعة مطار العاصمة سيمول من خلال قروض مصرفية في إطار التوجه الجديد للدولة لتنويع مصادر تمويل المشاريع الاستثمارية عوضا عن التمويل من خلال ميزانية الدولة فقط·
ونقلت الوكالة عن محللين اقتصاديين قولهم إن المزيد من الفرص في القطاعات خارج المحروقات كالسكن والزراعة قد تنفتح أمام الاستثمارات الخاصة والأجنبية لتخفيف العبء عن المال العام·
وأكد محررو المقال أيضا أن (تحقيق التوازن المطلوب أمر بالغ الأهمية في وقت تسعى فيه الجزائر لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية للمساهمة في زيادة إنتاج الطاقة الذي يمثل مصدر 60 في المئة من إيرادات الدولة التي ظلت ثابتة إلى حد كبير في السنوات الثلاث الأخيرة)·
وفي تحليله للوضعية الحالية للاقتصاد الجزائري وآفاقه المستقبلية على خلفية تراجع النفط الذي فقد نحو 60 بالمائة من سعره منذ جوان الفارط ذكر المقال بالإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية مؤخرا لا سيما تلك المتعلقة بترشيد الإنفاق وتجميد التوظيف في بعض القطاعات والتوجه نحو السوق المالي لتمويل المشاريع الاستثمارية بدلا عن التمويل من خزينة الدولة·
كما لفت التحليل إلى الإجراء المنتظر إقراره والمتعلق بتراخيص الاستيراد للمساهمة في الحد من الواردات، مشيرا إلى أن ما تخصصه الدولة لدعم أسعار المواد واسعة الاستهلاك والتي تقدر بـ 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من جهة ومستوى عجز الميزانية الحالي من جهة ثانية هي تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الجزائري اليوم·
وأجرى التقرير مقارنة بين وضعية البلاد اليوم ووضعيتها سنة 1986 حينما عرفت أسعار النفط انهيارا كبيرا وتسبب في تفجر أعمال شغب واسعة واقتراب الاقتصاد من حافة الانهيار·
وأكد المقال أن الجزائر في وضع أفضل كثيرا مما كانت عليه في 1986 بالنظر إلى احتياطي الصرف الذي تملكه والبالغ نحو 185 مليار دولار وتراجع مديونيتها بعد أن استغلت فترات ازدهار النفط في التسعينات لتعزيز وضعها المالي وسداد التزاماتها ومستحقات مقرضيها من المؤسسات متعددة الأطراف·
ونقلت عن أحد المحللين قوله إنه من المرجح أن تعطي السلطات الأولوية للاستقرار الاجتماعي في الأجل القصير توقعا لعدم استمرار الانخفاض الحالي في أسعار النفط والغاز لأكثر من عام أو عامين·
وقالت الوكالة -استنادا إلى متخصصين في الشأن الاقتصادي- إنه من المستبعد إجراء أي تخفيضات في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية في الوقت الراهن·

لويزة حنون ضد التراجع عن استغلال الغاز الصخري:
مروّجو الإشاعات·· مشعوذون

واصلت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، في الأيام الأخيرة التعبير عن دعمها لاستغلال الغاز الصخري، قائلة إنه (لو تراجع بوتفليقة والحكومة وسلال لبقي حزب العمال ثابتا على موقفه)، ونددت بما وصفته بالتلاعبات التي تحدث في عين صالح (لأهداف سياسوية فتاكة)، معتبرة أن وزير الطاقة يوسف يوسفي، ومؤسسة سوناطراك، يتعرضان لضغوطات خارجية وداخلية·
وحسب حنون، فإن استغلال هذا الغاز لا يؤثر بتاتا على البيئة أو الصحة، واصفة مروجي هذه (الإشاعات) بـ(المشعوذين)، وشددت على أن موقفها مبني على قناعة ولن تتراجع عنه مضيفة: (ندعم استغلال الغاز الصخري مع استمرار عملية التنقيب والاستكشاف واستغلال هذه الثروة)·
وترى حنون أن هناك (حربا معلنة على الدولة الجزائرية)، والهدف منها (إركاعها)·
وحذرت لويزة حنون من الحراك الحاصل في الجنوب بسبب الغاز الصخري (ظاهريا)، وقالت إن بعض الناشطين هناك (يحركون الأوضاع من خلال تلاعبات لأهداف وأغراض سياسوية فتاكة)·