هذه قصة الصحابية أم عمارة

  • PDF

رمز التضحية والإيثار
هذه قصة الصحابية أم عمارة 
السيدة أم عمارة نسيبة بنت كعب هي أفضل من تذكر عند الحديث عن التضحية والإيثار فلو ذكرنا الزوجات الوفيات لجاءت هي في المقدمة وإن تحدثنا عن السبق إلى الإيمان كانت من الأوائل. وإذا تحدثت عن أهل العبادة والطاعة لله عز وجل وجدتها عابدة قانتة.
وإذا سألت عن العلم والحديث النبوي وجدتها راوية متقنة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأية امرأة هذه التي حازت كل خصال الشرف؟
*مآثر أم عمارة 
وقد وصفها الإمام أبو نُعيم الأصبهاني في حلية الأولياء فقال: أم عمارة المبايعة بالعقبة كانت ذات جد واجتهاد وصوم ونسك واعتماد .
وترجم لها الذهبي في سير أعلام النبلاء بقوله: أُمُّ عُمَارَةَ نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبِ بنِ عَمْر و الأَنْصَارِيَّةُ ابْنِ عَوْفِ بنِ مَبْذُوْل ..الفَاضِلَةُ الأَنْصَارِيَّةُ الخَزْرَجِيَّةُ النَّجَّارِيَّةُ المَازِنِيَّةُ المَدَنِيَّةُ.
إذن فهذه الصحابية من الأنصار الذين وصفهم الله في القرآن الكريم بقوله وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة وهي من بني النجار الكرام أخوال النبي صلى الله عليه وسلم الذين نزل في ديارهم في المدينة المنورة عند هجرته الشريفة.
شهدت أم عمارة ليلة العقبة وغزوة أحد والحديبية ويوم حنين ومعركة اليمامة.
وَكَانَ ضَمْرَةُ بنُ سَعِيْد المَازِنِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ جَدَّتِهِ وَكَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ أُحُدًا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: لَمُقَامُ نُسيْبَةَ بِنْتِ كَعْب اليَوْمَ خَيْرٌ مِنْ مُقَامِ فُلاَن وَفُلاَن .
وضعتها صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية على رأس قائمة أكثر عشر نسوة مسلمات وجب معرفتهن جيدًا وأوردت الصحيفة ما قالت الصحابية الجليلة للرسول: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء؟ .
فنزلت آية: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا .
*مكانتها في الصبر 

احتلت نسيبة مكانًا عليًا في الصبر بعد أن فقدت ابنها حبيب فقد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في قومه بني حنيفة في اليمامة.
فكان يسأله مسيلمة أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال حبيب: نعم وإذا سأله: تشهد أني رسول الله؟ قال: أنا لا أسمع ففعل ذلك مرارًا فقطّعه مسيلمة عضوًا عضوًا ومات شهيدًا رضي الله عنه.
وفي أُحد جُرحت أم عمارة رضي الله عنها بضعة عشر جرحًا كان أكبرها جرحًا عميقًا في عاتقها أصابها به ابنُ قَمِئَةَ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جرحها وأمر ابنَها عبدَ الله أن يعصبه وقال: بَارَكَ اللّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْت مُقَامُ أُمّك خَيْرٌ مِنْ مُقَامِ فُلَان وَفُلَان وَمُقَامُ رَبِيبِك – يَعْنِي زَوْجَ أُمّهِ – خَيْرٌ مِنْ مُقَامِ فُلَان وَفُلَان . وَمُقَامُك لَخَيْرٌ مِنْ مُقَامِ فُلَان وَفُلَان رَحِمَكُمْ اللّهُ أَهْلَ الْبَيْتِ وسمعته أم عمارة فقَالَتْ: اُدْعُ اللّهَ أَنْ نُرَافِقَك فِي الْجَنّةِ. فقَالَ صلى الله عليه وسلم: اللّهُمّ اجْعَلْهُمْ رُفَقَائِي فِي الْجَنّةِ. فقَالَتْ أم عمارة رضي الله عنها: مَا أُبَالِي مَا أَصَابَنِي مِنْ الدّنْيَا.
كما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث فمن مروياتها ما أخرجه لها أبو نعيم في الحلية والترمذي: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيهَا فقَدَّمتْ إِليهِ طَعامًا فَقَالَ: كُلِي فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمةٌ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الصَّائمَ تُصَلِّي عَلَيهِ الملائِكَةُ إِذَا أُكِلَ عِندَهُ حتَّى يَفرُغُوا ورُبَّمَا قَالَ حتَّى يَشبَعُوا .
وفي معركة اليمامة.. استأذنت أم عمارة رضي الله عنها من أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخروج مع من خرج لقتال مسيلمة الكذاب فأذن لها بعد أن أوصى خالد بن الوليد رضي الله عنه بها
وكان عمرها آنذاك قد زاد عن الستين ولكن لم تضعف عزيمتها وقد جُرحت حينئذ أحد عشر جرحًا وقُطعت يدها ولكنها لم تكترث لما أصابها
وعندما قتل ابنُها عبدُ الله مسيلمةَ الكذاب… سجدت لله شكرًا أن خلّصهم من مسيلمة وكفره وكذبه وعلى انتهاء هذه الفتنة العظيمة.
ظلت أم عمارة رضي الله عنها تحظى بالمكانة اللائقة في حياة الخلفاء الراشدين فكان أبو بكر رضي الله عنه يأتيها ويسأل عنها وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه عرف مكانتها
وتشير الدلائل إلى أن وفاة أم عمارة رضي الله عنها كانت في مطلع خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة الثالثة عشرة للهجرة بعد أن عاشت حياةً معطاءة حافلة بالتضحيات.