ضرورة تحسين أداء طور التعليم الابتدائي الذي يتحمل ثقل كل المراحل

  • PDF

مراصد
إعداد: جمال بوزيان

أخبار اليوم ترصد آراء حول المسابقات المهنية في قطاع التربية والتعليم
ضرورة تحسين أداء طور التعليم الابتدائي الذي يتحمل ثقل كل المراحل
تعرف المدارس الابتدائية تطورا من حيث الموارد البشرية عموما في الإدارة والإشراف والتسيير والرتب المستحدثة والتعيينات والترقيات والتقاعد وغيرها.. سألنا أساتذة عن المسابقات المهنية في قطاع التربية والتعليم لا سيما عقب مطالب كثيرة بتعميم بعض المناصب مثل مساعد مدير مع بداية تجربة الألواح الإلكترونية وغيرها من التغييرات التي تتسارع لأسباب كثيرة في ضوء التحضيرات للموسم الدراسي 2022/2023.

*****
طور التعليم الابتدائي.. ذلك المُستثنى!
أ.م. رابح لكحل
بالرغم من الحركية التي عرفها قطاع التعليم في السنوات العشر الأخيرة والتطور الذي طرأ على تركيبته البشرية إن من حيث الكم النوع أو نحو التأطير النسوي أو من حيث التغيرات التي ظهرت على طريقة تفكير ونفسيات المعلمين عموما فكانوا طليعة الحركة النقابية التي عرفها الوظيف العمومي فقادوا الاحتجاجات وفرضوا أنفسهم كنموذج تُقتدى به بقية القطاعات فحتى القوانين الخاصة لعدة قطاعات استنسخت من القانون الخاص للمعلم ومس التغير حتى هندامهم (لست من أنصاره) بحيث لا تفرق في بعض الأحيان بين التلميذ وأستاذه.. إلا أن الملاحظ أن الطور الابتدائي بقي متميزا ببعض الاستثناءات السلبية على مستوى التأطير التسيير وحتى الهياكل.. منذ الاستقلال إلى اليوم عُومِل معاملة دونية مقارنة بطوري التعليم المتوسط والثانوي وشخصيا لم أفهم الحكمة من ذلك؟!.
1-وضعها (التسيير التأطير والهياكل)/ بقيت المدارس الابتدائية تحكمها قوانين وقواعد السنوات الأولى للاستقلال والتي في أغلبها ورثتها عن الحقبة الاستدمارية ونجد أهمها:
١-من ناحية التأطير: ينظر إلي المدرسة على أنها مؤسسة بسيطة ليست في حاجة إلى تأطير كبير بحيث لا يشرف عليها عموما إلا شخص واحد برتبة مدير دون مساعدين ولا أعوان. وهو الذي يتكفل بجميع الأعمال الإدارية (سكرتارية تقارير مراسلات كشوف شهادات..) البيداغوجية (الإشراف المتابعة والمراقبة للمعلمين والتلاميذ وحتى العمال إن وجدوا...) وبالإضافة لمهامه الخارجية بصفته ممثلا للمدرسة لدى السلطات العمومية وحتى أمام القضاء نجده مضطرا للقيام بمهام المستشار النفسي والتربوي وفي أحيان كثير نجده عون صيانة وعامل بستنة كما يمكنه أن ينوب عن الحارس عندما يتغيب أو عندما يرسله في مهمة ما...
٢-من ناحية التسيير: كتتمة لافتقارها للتأطير اللازم والمتخصص تُعتمد مقاربة غريبة في تسيير الابتدائيات تقوم على ازدواجية الوصاية إداريا بيداغوجيا وتربويا تتبع مديرية التربية وماليا تتبع البلديات حيث تمنح وزارة التربية ميزانية الابتدائيات لوزارة الداخلية وهي بدورها تحولها إلى البلديات وحتى كتابة هذه الأسطر لم أستطع إدراك الحكمة من وراء ذلك! فهذا الأسلوب البالي جعل الابتدائية في وضع المتسول لدى مصالح البلدية وبحكم بُعد هذه المصالح وعجزها عن فهم طبيعة المدارس وحاجاتها تجدها تتعامل بمنطق المن وببروقراطية مقيتة تعطل بها السير الطبيعي للعملية التعليمية. 
٣-من ناحية الهياكل: أغلب المدارس الابتدائية مبان قديمة (موروثة عن الحقبة الكولونيالية) أو بنيت على عجل ودون دراسات معمقة من طرف البلديات فتجدها هيكلا غير عملي يفتقر للمباني المناسبة من ناحية العمران أو من ناحية الدور التربوي المنتظر.. إضافة للنقص في عدد الحجرات وافتقاد المدارس لهياكل ضرورية مثل المكتبة المطعم قاعة الرياضة وقاعة التمريض وحتى مدرج النشاطات البيداغوجية والثقافية.. تجد أغلب قاعات الدرس في حاجة ماسة لأعمال صيانة مستعجلة من الصعب تحقيقها بسبب المسار البيروقراطي المجحف المفروض على السيد المدير إتباعه للحصول على مصباح جديد لغرفة الدرس مثلا. وكنتيجة منطقية لافتقادها لمخطط هندسي وطني موحد تدرج فيه كل الهياكل الضرورية وترك تشييدها للاجتهاد المحلي تجد بعض الابتدائيات تصلح لكل شيء إلا للنشاط التربوي.
2-الجديد /بضغط من التنظيمات النقابية طيلة العشرية الماضية اهتم أصحاب القرار لوضع الابتدائيات وأدخلوا على استحياء بعض التعديلات ولو بالتقسيط الممل بحيث أضافوا منصب جديد سموه نائب المدير كما تكرمت الجماعات المحلية بدعم المدارس ببعض الموظفين المؤقتين (إداريين عمال المطعم أعوان الحراسة والنظافة..) لا يملك المدير عليهم سلطة حقيقية ويمكن أن تفقدهم المؤسسة بانقلاب مزاج أحد أعوان مصالح البلدية أو الدائرة.
الجديد صنعه التعليم الابتدائي هذه السنة (2022) جاء لأسباب خارجة عن ظروف القطاع حيث استفادت الابتدائيات من قرار( كان يمكن تحسينه) يتمثل في إدماج الآلاف من متعاقدي جهاز عقود ما قبل التشغيل بصفة مشرفين تربويين بالابتدائيات. كماعرف إقبالا مميزا على طلب التوظيف فيه من قبل حاملي الشهادات الجامعية في اللغة الإنجليزية بفضل قرار إدراج تدريس هاته اللغة في الطور الابتدائي هذا القرار المتميز الذي أثمنه وأدعو إلى إنجاحه لسبب واحد أظنه كافيا على الأقل لي وهو كسر الهيمنة الثقافية للطامع الأجنبي (عدو الأمس واليوم) وتفكيك عقدة الاستعلاء لدى المنهزمين حضاريا من بني جلدتنا.
3-في تقديري الأفضل من أجل نجاعة أكبر أقترح مجموعة نقاط أراها مهمة لتحسين أداء هذا الطور الذي يمثل الأساس في العملية التربوية والذي سيتحمل عبء وثقل كل ما سيبنى في المراحل اللاحقة:
أ-بدلا من إدماجهم بصفة مشرفين تربويين كنت أفضل لو أدمج  المعنيون أساتذة تعليم ابتدائي بهدف تحقيق:
١-العدالة وعدم إجبارهم على التنازل عن شهاداتهم ٢-تخفيف ضغط نظام التفويج عن الأساتذة الحاليين ٣-مهمة تأطير التلاميذ خارج حجرة الدرس يسيرة (صغر سن التلاميذ) يحققها الأستاذ دون عناء (معلم الابتدائي يؤثر على سلوك التلميذ وهو في بيته).. فالأولوية لعملية التدريس.
ب-بدلا من صرف مبالغ ضخمة على ما يسمى المدارس النموذجية (قبل تعميمها إن حدث ذلك) أفضل لو تعاقدت وزارة التربية مع شركة عالمية واقتنت ألواح إلكترونية تبيعها (مدعمة) للتلاميذ تحوي كل ما يحتاجونه (كتب مدرسية وكراريس نشاطات تفاعلية يمكن تنزيلها من موقع خاص بالوزارة معاجم خرائط آلة حاسبة برمجيات معلومات وإحصاءات...الخ). ولا داع للإجراءات الأمنية المبالغ فيها كتركيب كاميرات المراقبة وتحويل المدرسة إلى ثكنة عسكرية يفقد فيها المعلم والتلميذ خصوصيته.
ت-بدلا من وضع المدرسة تحت رحمة تسيير البلديات التي ثبت فشله الأفضل لتيسير تسييرها بيداغوجيا ومن ناحية الإطعام ولتسهيل صيانتها.. لو تحول ميزانياتها إلى المدارس مباشرة وتنصب لذلك مجالس تسيير تتكون من المدير ونائبه وممثلي الأساتذة وأن يؤطر النشاط المالي مقتصد أو مسير مالي  يعين في مدرسة مركزية ويتابع مجموعة مدارس بحسب التقطيع الذي يحدده التنظيم.
ث-بدلا من ترك عملية بناء الابتدائيات خاضعة لخيارات وأمزجة المجالس البلدية الأفضل لو وضعت الوزارة مخططات نموذجية تبنى على نمطها المدارس بحيث: ١-تصنف بحسب عدد الحجرات( مثلا 4 أصناف: صنف 6 حجرات 12 حجرة 18 حجرة 24 حجرة) ٢-تحوي بالإضافة للحجرات جميع المرافق اللازمة بحسب تصنيفها (إدارة قاعة أساتذة مطعم مكتبة قاعة علاج قاعة رياضة مدرج للنشاطات دورات مياه مناسبة ...) ٣-مخططها الهندسي يعبر عن الانتماء الحضاري للشعب الجزائري ٤-تشجيع الجمعيات والعمل على إقناع المجتمع المدني عموما بالاهتمام ببناء المدارس (خاصة في الأحياء الجديدة) كاهتمامه المنقطع النظير ببناء المساجد.
جـ- التفكير من الآن في العمل على تغيير وظيفة المدرسة الحالية التي تركز على تزويد التلميذ بالمعلومة إلى: 
١-تعليمه طريقة التعلم وتدريبه على التفكير والتحليل بحيث يصبح الهدف هو تحويل المعلومات إلى معرفة وتحويل المعرفة إلى حكمة فتأمل وإبتكار..
٢-تحفيز وترغيب أولادنا وتحبيبهم في طلب العلم وحب الاكتشاف...
لأن في عصرنا أصبحت المعلومة تتكاثر بوتيرة فلكية وبالتالي أصبح من الضروري مواكبة الجديد باستمرار لضمان المكانة اللائقة وبكفاءة في عالم شديد التقلب وسريع التغير.
..يُتبع..
=== 
هذه توجيهات الرئيس تبون بخصوص الموسم الدراسي الجديد..
حدد مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الأحد برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تاريخ الدخول المدرسي 2023/2022 بيوم الأربعاء 21 سبتمبر 2022 وقد أمر الرئيس بدراسة إمكانية العودة للتدريس وفق النظام العادي.
وجاء في بيان اجتماع مجلس الوزراء بخصوص الموسم الدراسي 2022ـ 2023:
ـ تحديد الدخول المدرسي 2022ـ2023 رسميا يوم الأربعاء 21 سبتمبر 2022.
ـ أمر السيد الرئيس الوزير الأول بالتنسيق بين قطاعي التربية والصحة للاجتماع في أقرب وقت ممكن وبإشراك جمعيات أولياء التلاميذ للبت في إمكانية العودة إلى التدريس وفق النظام العادي.
- انتهاج سياسة جديدة للكتاب المدرسي من حيث التوزيع وإبعاد مضامينه عن كل ما هو سياسي ليبقى صالحا لأطول مدة ممكنة مهما كانت التغيّرات السياسية.
ـ مواصلة إجراءات تخفيف المحفظة المدرسية والتحضير الجيد للشروع في تدريس الإنجليزية في هذا الموسم بدءا من السنة الثالثة ابتدائي.
ـ الدولة ستواصل مساندتها لمختلف الفئات الضعيفة لضمان استمرارية مجانية التربية والتعليم مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية الحاصلة.
وبهذا الصدد عقد وزير التربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد يوم الاثنين لقاء تشاوريا مع جمعيات أولياء التلاميذ بخصوص إمكانية العودة إلى التدريس وفق النظام العادي خلال الدخول المدرسي 2022-2023 المقرر يوم 21 سبتمبر المقبل.
وقد جاء هذا اللقاء تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء المنعقد يوم الأحد برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي أمر الوزير الأول بالتنسيق بين قطاعي التربية والصحة للاجتماع في أقرب وقت ممكن وبإشراك جمعيات أولياء التلاميذ للبت في إمكانية العودة إلى التدريس وفق النظام العادي.
وفي تصريح للصحافة عقب هذا اللقاء أوضح الوزير أنه سيتم في القريب العاجل إقرار نمط الدراسة بهدف تمكين المؤسسات التربوية من تسليم جداول الاستعمال الزمني للتوقيت للأساتذة للشروع في العمل.
وأضاف أن تحديد تاريخ الـ21 سبتمبر المقبل للدخول المدرسي 2022-2023 من شأنه أن يسمح بالقيام بالتحضيرات اللازمة لضمان دخول مستقر وهادئ .
من جانبها ثمنت جمعيات أولياء التلاميذ قرارات مجلس الوزراء لاسيما في الشق المتعلق باستشارتها والتنسيق بين وزارتي التربية والصحة مبرزة أهمية العودة إلى النظام العادي في التدريس خلال هذا الموسم.
في هذا الإطار ثمنت رئيسة الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ جميلة خيار دعوة رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون لإشراك جمعيات الأولياء في الإجتماع التنسيقي بين قطاعي التربية والصحة لدراسة إمكانية العودة للتدريس وفق النظام العادي وذلك حسب ما نقله عنها موقع الإذاعة الوطنية.
وأوضح من جهته الخبير في المناهج التربوية إسماعيل دباح أن رئيس الجمهورية يولي إهتماما بالغا بالكتاب المدرسي من حيث الشكل والمضمون من خلال إبعاد الجانب الإيديولوجي ومخاطبته كل أبناء الشعب الجزائري حتى يطول عمر الكتاب.
وتضاف هذه الإجراءات إلى تلك المتعلقة بالإعتماد على النظام التدريسي بالألواح الإلكترونية لتخفيف ثقل المحفظة وتطوير المنظومة التربوية من شأنها إنجاح الموسم الدراسي وتحسين نوعية ومستوى التعليم.




ن. أيمن


===