بقلم: خلدون الشيخ
احتدمت في الأيام العشرة الأخيرة النقاشات والجدل على حتمية انتقال النجم المصري محمد صلاح من ليفربول والدوري الإنكليزي الى اتحاد جدة والدوري السعودي في مقابل قيمة قياسية لكلا الدوريين لكن في النهاية أغلق سوق الانتقالات في المملكتين من دون أي جديد.
ظل صلاح في مدينة ليفربول مثلما أكد مدربه يورغن كلوب وردد على مدى الأسابيع الماضية أن نجمه المصري لن ينتقل من أنفيلد وهو ما أكده زميله الجديد في الفريق المجري سوبوسلاي الذي قال أن صلاح أكد له ان سيبقى بعد الفوز الكبير على استون فيلا الأحد الماضي لكن نادي الاتحاد الذي تردد أنه على وشك أن يرفع عرضه من 150 مليون جنيه إسترليني الى 200 مليون خرج أيضاً منتصراً من صراع الارادات رغم انه لم يحصل على نجمه والدليل أنه وضع الختم الأول على أوراق انجاز الصفقة التي ستحصل لا محالة وعلى أبعد تقدير الصيف المقبل. والامر الثاني والمهم أن مجرد الدخول في نقاشات على امكانية رحيل صلاح على مدى الاسبوعين الماضيين شكل حالة من الترويج الايجابي المجاني أولاً للمملكة ثم للدوري السعودي وأيضاً لنادي الاتحاد الذي سيشارك في بطولة العالم للأندية في نهاية العام الجاري والتي ستستضيفها السعودية كما ستكون فكرة اضافة صلاح الى الفرنسيين كريم بنزيمة ونغولو كانتي والبرازيليين فابينيو ولويز فيليبي والبرتغالي جوتا اختمرت عند الجماهير الانكليزية.
* لماذا الرفض؟
لكن لماذا رفض ليفربول مبلغاً قد يكون قياسياً له للاعب تخطى سن الثلاثين وقيمته السوقية لا تزيد على 65 مليون يورو وكان بامكانه أن يتقاضى ثلاثة أضعاف قيمة اللاعب وغامر بامكانية بيعه الموسم المقبل وحينها لن يتبقى على انتهاء عقد صلاح سوى سنة واحدة وعادة في هذه الحالة تتهاوى القيمة السوقية للاعبين بقرب انتهاء عقودهم؟ الأسباب في الواقع كثيرة فعلى الصعيد الفني فان دور صلاح ما زال مهما وحيوياً في انجاح أسلوب لعب المدرب يورغن كلوب المعروف بالضغط العالي أو غيغنبرس وما زال صلاح الجوكر الذي يصنع الأهداف ويسجلها ويقوم بالتحفيز في عمليات الضغط من الأمام على الخصوم أي أن دوره ما زال يعتبر مهماً بل هو ربما افضل لاعبي الفريق. لكن الشق الآخر وهو المهم جداً وربما ما يخفى على كثير من المتابعين وهو الشق التسويقي أي ما يكسبه ويجنيه ليفربول من وجود صلاح معه فهو الاكثر مبيعاً لفانلات الفريق بل فانلة صلاح 11 كانت الرابع الأكثر مبيعاً في العالم بعد فانلات رونالدو وميسي وليفاندوسكي في عام 2021 بل حتى أن ليفربول يجني 20 إضافية من هذه المبيعات ضمن اتفاقه مع شركة نايكي والتي تصل الى نحو 70 مليون يورو سنوياً فكان من مصلحة ليفربول التريث والتفكير ملياً ليس فقط بالوجه التسويقي الجديد الذي سيخلف صلاح بل أيضاً بخليفته داخل الملعب.
والمعروف أن الصفقات الكبيرة بحاجة دائماً الى الوقت الكافي لانجازها وصفقة مثل بيع صلاح كان سيحتاج العمل عليها أسابيع عدة تمتد الى شهور وكان من المفترض أن يبدأ عرض نادي الاتحاد في مطلع الانتقالات أي في نهاية الموسم الماضي كي يتسنى الاتفاق على كل شيء بينها شروط الدفع والاضافات الأخرى.
لكن ماذا عن صلاح نفسه؟ هل كان يريد الانتقال الى الاتحاد في هذه النافذة؟ بالتأكيد هو يريد الانتقال والسبب الرئيسي هو المقابل المادي والراتب الخيالي الذي يسيل له لعاب أي رياضي والبالغ 150 مليون جنيه استرليني في الموسم الواحد مقارنة بنحو 18 مليوناً يتقاضاها حالياً في الموسم ضمن عقده الجديد مع ليفربول. لكن هل بقي صلاح لأنه يبحث عن المزيد من الأرقام القياسية مع النادي الانكليزي حيث حطم الكثير منها لكنه يعلم أن المنافسات أصبحت أكثر شراسة فعلى صعيد صراعه السنوي على لقب هداف الدوري فان فرصه أصبحت أقل من السابق بوجود العملاق النرويجي ايرلنغ هالاند مهاجم الغريم مانشستر سيتي الى درجة ان منافسه السابق هاري كاين أدرك الامر وفضل الرحيل الى الدوري الالماني مع بايرن ميونيخ اضافة الى أن ليفربول يواجه دائماً خطر عدم التأهل الى دوري ابطال أوروبا على غرار الموسم الجاري في ظل منافسات شرسة على المراكز المؤهلة في حين أنه يعلم أن ادارة ناديه لا تملك رفاهية الانفاق في سوق الانتقالات على غرار منافسين آخرين بل نموذج فينواي غروب المالكة قائم على بيع أبرز النجوم لاعادة البناء على غرار ما فعلت مع فيرناندو توريس ورحيم ستيرلنغ وفيليب كوتينيو وصولا الى ساديو ماني.
صلاح يعلم أنه سينتقل الى جوقة النجوم في دوري روشن عاجلاً أو آجلاً لكنه يعلم أن لديه ارثاً في البريميرليغ لا يريد أن يلطخه تحسباً لما ما بعد التجربة السعودية وهو يدرك أن الوقت دائما كفيل بتقديم أفضل الحلول.