الكتابة على أجساد تحترق مهنة قاسية
بقلم: ابراهيم عبد المجيد القيسي
طوعا أحجم عن الكتابة وعن المتابعة أيضا وللذين لا يعلمون يمكنني القول بأنني وخلال حياتي كلها لم أستمع لخطاب وبيان أبو عبيدة سوى أمس الأول وسمعته يقول في النهاية إنه لجهاد نصر أو استشهاد وهما كلمتان تكفيان عن كل البيانات والحكايات حتى لو قلناهما من فوق الحلق فهما تكفيان سببا لرعبهم وكذلك تكفيان في قانونهم لحرق كل أمة المليار و نص ...
ما نفع الكلام والدم المغدور المهدور يخرج فصيحا والموقف الدولي وبكل دناءة يمضي قبيحا والعودة للقانون والمنطق والإنسانية قرار يأتي في حسابات المجرم ترجيحا ؟! ..هل ثمة ما هو أصدق وأشد فظاعة من قتل الناس والأطفال ظلما أمام عينيك؟ ما نفع الكلام والتنظير والخيال والتفكير حين يكون المبتدأ جريمة فظيعة مدانة حتى في قانون الحيوانات والخبر صمتا أفدح بعد بلاغة صمت القبور التي أصبحت حتى هي تضيق على أجساد أهل غزة لتعبقها بالمسك؟.
*دم الابرياء
ما نفع الكتابة بعد أن عجزت عن الوصف ولا يقرؤها احد فحبرها قاصر أمام حمرة دم الأبرياء وتقطّع أوتار صوتهم من شدّة الصراخ فصرخة واحدة من طفلة أو طفل أكثر فصاحة وبلاغة وإقناعا للكائنات الميتة والحيّة من كل ما نكتب أو نقرأ فلا عاطفة تجاري وحشية الجريمة ولا عقل يستوعب قصر ذات اليد والنظر والبصر.. إنني في شك بأن الأجساد التي تراقب مخلوقة من لحم ودم فهي غدت مجرد تماثيل من شمع اختفت قسمات وجوهها وذابت بسبب وهج نار الجريمة فغدت الوجوه بلا ملامح ولا غضب ولا انفعال من أي نوع.. فما نفع كل الانفعالات إن لم تقدم لقمة لطفل جائع لا محالة مقتول بعد جوع وعطش ومطاردة تقوم بها صواريخ وطائرات لا ترتوي رغم كل هذا الولوغ بدم البشر الأبرياء..
دعونا نكتفي بالمبتدأ وندينه ونحتفظ بنسخة من آلام البشر ولا نشارك في الخبر ونجمع حبات الدواء والقمح ودموع الأمهات والآباء وما بقي من أعمار الأطفال والشباب ونقدمها لمن تبقى من أطفال هناك فإن الطائرات والصواريخ ما زالت تتذاكى في البحث عنهم والكون كله يحكم قبضته على رقابهم فلا ماء ولا غذاء ولا هواء أو دواء.. وهم ما زالوا يقولون الحمد لله ويقولون كله يهون وقريبا سيجوعون حتى يموتون في سبيل الأقصى وفلسطين..